شيخ العرب همام

شيخ العرب همام ..شخصية مصرية صعيدية لعبت دورا وطنيا مؤثرا في التاريخ المصري بغض النظر عن انتمائه لأي القبائل العربية التي تقطن الصعيد، فهو شديد الثراء شديد العطاء شديد النفوذ، له علاقات قوية بالحكام وحاول طوال فترة حياته أن يحقق شيئا لوطنه وكان يحلم بتكوين أول دولة اشتراكية في الصعيد، كما وصفته كتب التاريخ من خلال امتلاكه لأكبر قدر من الأراضي الزراعية وأجودها وكيف كان ينفق أغلب دخل هذه الأراضي علي الفقراء والمساكين وكيف استطاع طرد المماليك المتجبرين في الصعيد وفي مصر وكان ينفق علي أهله بسخاء وقد ورث الزعامة عن جده يوسف وحاول أن ينقلها إلي أولاده فيما بعد.. والشيخ همام كما أكدت ذلك الدكتورة ليلي عبداللطيف أستاذة التاريخ الحديث والمعاصرين بجامعة الأزهر أن الشيخ همام شخصية تاريخية وطنية يجب أن يذكرها التاريخ بكل فخر. أما ما يدور الآن علي شاشات التليفزيون حول الشيخ همام فلا يمت للحقيقة بصلة ولا يمت لواقع الشيخ همام بأي شيء.. ونتناول في هذا الموضوع شخصية شيخ العرب همام الذي عاش في صعيد مصر في النصف الأول من القرن الثامن عشر الميلادي ونحو عشرين عاما من النصف الثاني منه وهو شيخ العرب همام بن يوسف زعيم قبائل الهوارة التي نزلت الصعيد عام 1380 ميلادية واستقرت به وكانت لها به سطوة ونفوذ كبير وقد كان الهوارة أقوي قبائل الصعيد بأساً وأكثرها استقرارا وأقدرها علي العمل السياسي. وقد اشتهر الشيخ همام بأنه أقوي الشخصيات العربية التي سيطرت علي الصعيد في القرن الثامن عشر غير أن أهمية الشيخ همام لا ترجع إلي سيطرته علي الحكم في الصعيد فقط كما ذكرها التاريخ أو لأنه شخصية تعشق النساء بقدر ما توضح لنا الترجمة لتلك الشخصية الفريدة في نوعها نظام الحياة في الصعيد في تلك الفترة خاصة وفي العصر العثماني عامة والقوي التي تنازعت السلطة فيه وعلاقاتها بالهيئة الحاكمة في القاهرة وكيف كان لنظام الالتزام أثر كبير في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر العثمانية عامة أو في الصعيد خاصة وكان الشيخ همام زعيما لقبائل الهوارة والتي وفدت إلي مصر من المغرب واستقرت في منطقة البحيرة ثم انتقلت إلي الصعيد. وكان الشيخ همام من أهم الشخصيات التي التف حولها الفلاحون في الصعيد فكان يعاملهم معاملة حسنة سواء كانوا من فلاحي الهوارة أو غيرهم وكان يمدهم بالقروض التي تساعد العاجزين منهم علي زراعة أرضهم حيث أنه كان يسيطر علي معظم أراضي الصعيد من المنيا إلي أسوان وأنه بلغ من القوة والنفوذ ما جعله يرغم الأمراء المماليك علي التنازل له عن أرضهم في الصعيد. ولم يقتصر الأمر علي الزراعة بل امتد إلي مسالك التجارة فيه مثل طريق القصير الذي كان يتم عن طريق نقل جانب من التجارة الهندية إلي مصر واستطاع همام كسب ود القبائل العربية النازلة في الصعيد ومضي بين قوته وسط رضا الجميع.. وقد ذكرت كتب التاريخ والمخطوطات الموجودة في دار المحفوظات أن المماليك كانوا يعملون ألف حساب لهذه الشخصية العظيمة التي اتسمت بالعدالة والقوة خاصة علي بك الكبير الذي شعر أن الشيخ همام يمثل شوكة في ظهره بعد أن كون سلطة واسعة في الصعيد من آلاف الجنود من الهوارة وغيرهم الذين كانوا يدافعون عن الشيخ همام بكل ما أوتوا من قوة خاصة بعد تحالف الشيخ همام مع صديقه صالح بك القاسمي حاكم جرجا في ذلك الوقت لذلك حاول علي بك الكبير أن يوقع بين الاثنين بأن أوحي لكل واحد منهم ان يحكم مصر في حالة تحالفه معه وانقلابه علي صديقه. وقد كان علي بك الكبير يقدر خطورة همام ويعرف مدي ما وصل إليه نفوذه في الصعيد ذلك النفوذ الذي جعل علي بك الكبير يتنازل عن أراضيه في الصعيد خاصة الأراضي الواقعة ناحية بني نصر بمنفلوط خاصة بعد أن قضي الشيخ همام علي أستاذ علي بك الكبير المدعو إبراهيم كتخدا والذي اضطر هو الآخر إلي التخلي عن أرضه إلي الشيخ همام بعد صراع طويل بينهما. واستطاع علي بك قتل صالح بك القاسمي حاكم جرجا وأحد حلفاء الشيخ همام لذلك بدأ يعد العدة لشن حرب للقضاء علي شيخ العرب همام. إلا أن الشيخ همام قدر ذلك جيدا وبدأ يعد العدة لفصل الصعيد عن الوجه البحري لأنه كان يدرك مدي غدر علي بك الكبير بكل من حوله. وترجع أهمية شيخ العرب همام إلي كونه أول شخصية في التاريخ المصري تحاول فصل الصعيد عن الوجه البحري كما أنه كان الحاكم العادل في الصعيد ووصفته كتب التاريخ بأنه أول من كون دولة اشتراكية في مصر كان امتدادها من المنيا إلي أسوان والبعض الآخر قدرها من الجيزة أو بني سويف حتي أسوان وكان يمتلك 242 ألف فدان من أجود أنواع الأراضي الزراعية واستطاع أن يطرد المماليك الظلمة منها والذين سيطروا عليها وطرد الفلاحين أصحابها الحقيقيين منها.. إنه الشيخ همام بقوته ونفوذه استطاع أن يطرد المماليك ويرفض دفع الضرائب خاصة للمماليك وكان له الفضل في مساعدة الفقراء والمحتاجين من خلال تقسيم خراج الأرض عليهم. لكن كيف استطاع الشيخ همام مواجهة علي بك الكبير؟.. في دراسة الدكتورة ليلي عبداللطيف أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر ذكرت ذلك وحددت معالم تلك الفترة وكشفت عن الوجه الحقيقي للشيخ همام الذي من المفروض أن يوضع اسمه بأحرف من نور في كتب التاريخ لما فعله لمصر خاصة للصعيد وكيف استطاع الوقوف في وجه الظالمين وربما كان الشيخ همام قد ساورته فكرة فصل الصعيد عن الوجه البحري نكاية في علي بك وزلزلة لحكمه لمصر ولكنه حتي وقت توجيه علي بك لحملته هذه لم يكن قد أعلن تلك الفكرة بوضوح ولكنه أغري أعداء علي بك من الأمراء الذين نفاهم إلي الصعيد أو خرجوا إليه هاربين من وجهه وهم جماعة صالح بك وباقي القاسمية وجماعة الخشاب والقلاع ويحيي السكري وسليمان الجلفي وجماعة كشكش وغيرهم ومعهم الهوارة وأهالي الصعيد وطلب منهم همام محاربة علي بك الكبير والتقدم إلي أسيوط وامتلاكها تمهيدا لفصل الصعيد عن الوجه البحري وبعد ذلك إذا نجحوا سوف يتقدمون إلي القاهرة لإجلاء علي بك عنها والقضاء علي حكمه نهائيا، وقد شجعهم همام علي ذلك من خلال إمدادهم بالأموال والرجال والمؤن والذخائر وقدر علي بك خطورة الموقف، فحشد لهذه المواجهة قوة كبيرة من الجند والقادة وعلي رأسهم قائده المظفر محمد بك أبو الدهب.. كان اللقاء بين الفريقين في أسيوط ودارت المعركة الحاسمة التي انتهت بفوز قوات علي بك الكبير وهزيمة حلفاء الشيخ همام وقد تأكد لعلي بك بعد هذه المعركة وبصورة قاطعة أن الشيخ همام هو قوة يجب إزالتها فعلا من طريقه لفرض سيطرته الداخلية علي مصر كلها لذلك وجه قائده محمد بك أبوالدهب لمحاربة همام في مسقط رأسه في فرشوط وقد قبل الشيخ همام التحدي خاصة أن الشيخ همام كان قوة يحسب لها ألف حساب في منطقة فرشوط بمحافظة قنا وهي مسقط مولد الشيخ همام بن يوسف وحياته الشخصية معروفة للجميع فقد أنجب الشيخ همام أولاده درويش وشاهين وعبدالكريم وقد ورث الشيخ همام ثروة طائلة عن والده وجده بالإضافة إلي زعامة قبيلة هوارة حيث أنه ينحدر إلي الهمامية أو همامية هوارة كما يطلقون عليها وكان للشيخ همام صلات قوية بالحكام في العصر المملوكي رغم أن هذه العلاقات غلب عليها العداء فيما بعد إلا أن الشيخ همام شخصية ثرية كانت ملتزمة ليس لها علاقات نسائية أو علاقات مشينة كما يصوره البعض ولم يكن في يوم من الأيام قاطع طريق أو هاربا من أحكام بل كان رجلاً شديد الثراء شديد العطاء شديد الكرم امتد نفوذه علي الصعيد وحاول فصل الصعيد وتكوين أول حكومة اشتراكية حقيقية وكان يكره الظلم والظالمين لذلك حاول التخلص من المماليك في الصعيد حتي يستعد لإبعادهم عن مصر وتحويل مصر إلي دولة تحكم نفسها بنفسها..

» وزراء الخارجية العرب يقرون عقوبات اقتصادية ضد سوريا
» المقاصة يختار ستاد المقاولون العرب ملعبا لمباراة الإسماعيلي
» إبراهيم حسن يرفض العرب والافارقة ويطالب بتحكيم اوروبي للزمالك
» لورانس العرب.. توماس إدوارد لورانس